إعلان

السبت، 10 سبتمبر 2016

الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك


وقف المهدي على عجوزٍ من العرب فقال لها: ممن أنتِ، فقالت: من طيء، فقال: ما منع طيّاً أن يكون فيهم آخر مثل حاتم، فقالت مسرعة: الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك، فعجبَ من سرعة جوابها وأمر لها بصِلَة.

من أخصب تخيّر


حضر أعرابيّ مائدة سليمان بن عبد الملك فجعل يمدّ يديه فقال له الحاجب: كُلْ مما يليك، فقال: من أخصب تخيّر، فأعجب ذلك سليمان وقضى حوائجه.

صبّ الله عليك الصّادات


دعا أعرابيّ على عامل فقال: صبّ الله عليك الصّادات، يعني الصفع والصرف والصلب.

والله لا أكلتُ عندك أبداً!


حضرَ أعرابيّ سُفرة هشام بن عبد الملك، فبينا هو يأكل إذ تعلّقت شَعْرة في لقمة الأعرابيّ، فقال له هشام: عندك شَعْرة في لُقمتك يا أعرابيّ! فقال: وإنك لتلاحظني ملاحظة مَن يرى الشَعرة في لُقمتي! والله لا أكلتُ عندك أبداً! وخرج وهو يقول:

وللموتُ خيرٌ من زيارةِ باخلٍ...
            يُلاحظُ أطرافَ الأكيلِ على عمدِ

أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي


جيء بأعرابيّ إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أُتهم بارتكابها، فلما دخل على الوالي في مجلسه، أخرج كتاباً ضمّنه قصته، وقدمه له وهو يقول: هاؤم إقرأوا كتابيه، فقال الوالي: إنما يقال هذا يوم القيامة. فقال: هذا والله شرٌّ من يوم القيامة، ففي يوم القيامة يُؤتى بحسناتي وسيئاتي، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي.

ما يمنعك أن تغزو؟


قيل لأعرابيّ: ما يمنعك أن تغزو؟ فقال: والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي اليه ركضاً.

ردٌ بردٍ


ألحَّ سائلٌ على أعرابيّ أن يعطيه حاجةً لوجه الله، فقال الأعرابيّ: والله ليس عندي ما أعطيه للغير.. فالذي عندي أنا أولى الناس به وأحقّ! فقال السائل: أين الذين كانوا يؤثرون الفقير على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة؟ فقال الأعرابيّ: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا.

أبادرهم باليتم


تزوّج أعرابيّ على كبر سنه، فعوتب على مصير أولاده القادمين، فقال: أبادرهم باليتم قبل أن يبادروني بالعقوق.

اللهم لا تحرمنيها


- أوقد أعرابيّ ناراَ يتّقي بها برد الصحراء في الليالي القارسة، ولما جلس يتدفّأ ردّد مرتاحاَ: اللهم لا تحرمنيها لا في الدنيا ولا في الآخرة.

الأصمعي والأعرابي


قال الأصمعي: دعاني بعض العرب الكرام إلى قرى الطعام، فخرجت معه إلى البرية، فأتوا بباطية بأذنين وعليها السمن غارق، فجلسنا للأكل، وإذا بأعرابي ينسف الأرض نسفاً حتى جلس من غير نداء، فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه فقلت: لأضحكن الحاضرين عليه فقلت:

كأنك أثلةٌ في أرض هش ...
             أتاه وابلٌ من بعد رش

فالتفت إلي بعين مبحلقة وقال لي: الكلم أنثى والجواب ذكر وأنت:

كأنك بعرة في إست كبشٍ ...
             مدلاةٌ، وذاك الكبش يمشي

فقلت له: هل تعرف شيئاً من الشعر أو ترويه؟ فقال: كيف لا أقول الشعر، وأنا أمه وأبوه؟ فقلت له: إن عندي قافية تحتاج إلى غطاء؟ فقال: هات من عندك.

فغطست في بحور الأشعار، فما وجدت قافية أصعب من الواو المجزومة فقلت:

قومٌ بنجدٍ قد عهدناهم ...
             سقاهم الله من النوّ

قلت: أتدري النو ماذا؟ فقال:

نو تلالا في دجى ليلةٍ ...
             حالكةٍ مظلمةٍ لو

فقلت له: لو ماذا؟ فقال:

لو سار فيها فارس لانثنى ...
             على بساط الأرض منطو

فقلت له: منطو ماذا؟ فقال:

منطوي الكشح هضيم الحشا ...
             كالباز ينقضُّ من الجو

فقلت له: الجوُّ ماذا؟ فقال:

جو السما والريح تعلو به.....
             فاشتم ريح الأرض فاعلو

الأصمعي : اعلو ماذا ؟فقال:

فاعلوا لما قد عيل من صبره ...
             فصار نجوى القوم ينعوْ

فقلت: ينعو ماذا؟ فقال:

ينعو رجالاً للقنا شرعت ...
             كفيتُ ما لاقوا وما يلقُوا

قال: فعلمت أنه لا شيء بعد الفناء، ولكن أردت أن أثقل عليه فقلت له: ويلقوا ماذا؟ فقال:

إن كنت ما تفهم ما قلته ...
             فأنت عندي رجل بو

فقلت له: البو ماذا؟ فقال:

البوُّ سلخٌ قد حشي جلده ...
             يا ألف قرنانٍ، تقوم أو

فقلت له: أو ماذا؟ فقال:

أو أضرب الرأس بصوَّانةٍ ...
             تقول في ضربتها قوّ

فخفت أن أقول له: قو ماذا؟ فيضربني ويكمل البيت، فسكتُّ.

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

تزوجتُ اثنتين لفرطِ جَهْلي..

قال الأصمعي:قيل لأعرابي: من لم يتزوج امرأتين لم يذق لذة العيش، فتزوج امرأتين ثم ندم، فقال:

تزوجتُ اثنتين لفرطِ جَهْلي ...
                بما يَشْقَى به زوجُ اثنتين
فقلتُ أصِيرُ بينهما خروفاً ...
                أنَّعم بين أَكرمِ نعجتينِ
فصرتُ كنعجةٍ تُمْسِى وتُضْحِى ...
                تَرَدَّدُ بين أخبثِ ذئبتينِ
رضى هَذِى يهيّجُ سُخطْ هذى ...
                فما أعْرَى من إحدى السّخْطتينِ
وأَلْقَى في المعيشة كلَّ بُوسٍ ...
                كذاك المرءُ بين الضّرَّتينِ
لَهذِى ليلةُ ولتلك أُخرْى ...
                عِتابٌ دائمٌ في الليلتينِ

ما ماله، وما مالها؟

قال الأصمعي، قال الحسن: كان أهل الجاهلية إذا خطب الرجل المرأة تقول: ما حسبه، وما حسبها؟ فلما جاء الإسلام، قالوا: ما دينه، وما دينها؟ وأنتم اليوم تقولون: ما ماله، وما مالها؟.

قل للمليحة في الخمار الأسود

قال الأصمعىّ : قدم تاجرٌ من أهل الكوفوفة المدينة بأحمزة فباعها كلها إلاّ السّود منها ، فلم تنفق ، وكان صديقاً للدرامىّ الشاعر ، فشكا ذلك إليه ، وقد كان الدرامىّ تنسّك ، وترك الشعر والغناء. فقال له : لا تهتمّ بذلك فإنّي سأنفقها لك حتى تبيع جميعها إن شاء اللّه تعالى ، ثم قال :

قل للمليحة في الخمار الأسود ...
                   ماذا صنعت بزاهدٍ متعبّد
قد كان شمر للصلاة ثيابه ...
                    حتّى عرضت له بباب المسجد
ردّي عليه صيامه وصلاته ...
                    لا تقتليه بحقّ دين محّمد

فشاع قول الدرامىّ هذا في الناس : وقالوا : رجع الدرامىّ عن نسكه ، وعاد إلى فتكه ، فلم يبق في المدينة امرأة ظريفة إلا ابتاعت خماراً أسود حتى نفد ما كان منها مع العراقي ، فلما علم الدراميّ ذلك ، رجع إلى نسكه ولزم المسجد. 

وصية طفيلي لأصحابه


قال ابن دراج الطفيلي لأصحابه: لا يهولنكم غلق الأبواب، ولا شدة الحجاب، ولا عنف البواب، وتحذير العقاب، ومبارزة الألقاب؛ فإن ذلك صائر بكم إلى محمود النوال، ومغن لكم عن ذل السؤال، واحتملوا الوكزة الموهنة، واللطمة المزمنة، في جنب الظفر بالبغية، والدرك للأمنية، والزموا الطوزجة للمعاشرين، والخفة بالواردين والصادرين. والتملق للملهين والمطربين، والبشاشة بالخدم والموكلين؛ فإذا وصلتم إلى مرادكم فكلوا محتكرين؛ وادخروا لغدكم مجتهدين؛ فإنك أحق بالطعام ممن دعي إليه، وأولى ممن صنع له؛ فكونوا لوقته حافظين، وفي طلبه متمسكين، واذكروا قول أبي نواس:

ليخمس مال اللّه من كلّ فاجرٍ ... 
                      وذي بطنةٍ للطيبات أكول

عتاب طفيلي على التطفيل ورده


عوتب طفيلي على التطفيل؛ فقال: والله ما بنيت المنازل إلا لتدخل، ولا نصبت الموائد إلا لتوكل، وإني لأجمع في التطفيل خلالاً، أدخل مجالساً، وأقعد مستأنساً، وأنبسط وإن كان رب الدار عابساً، ولا أتكلف مغرماً، ولا أنفق درهماً، ولا أتعب خادماً.

حسن التخلص


وخرج ابن أحمد المدني أيام العصبية إلى أذربيجان، فلقيه فرسان، فسقط في يده، فقال: الساعة يسألونني من أنا ؟ وأخاف أن أقول مضري وهم يمانية، أو يماني وهم مضرية، فيقتلونني؛ فقربوا منه، وقالوا: يا فتى، ممن أنت ؟ قال: ولد زنا، عافاكم الله ! فضحكوا منه، وأعطوه الأمان، فأخبرهم بنفسه، فأرسلوا معه من يوصله إلى مقصده.

فخبِّرْنِي بمن أنت فاخرُ

في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: 

أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثنا محمد بن إسحاق بن عبد الرحمن قال حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال حدثني أبو عبيدة قال : التقى جرير والفرزدق بمنى ـ وهما حاجّان ـ فقال: الفرزدق لجرير :

فإنك لاقٍ بالمنازل من مِنىً...
                  فَخَارا فخبِّرْنِي بمن أنت فاخرُ

فقال له جرير: لبيك اللهم لبيك .

قال إسحاق: فكان أصحابنا يستحسنون هذا الجواب من جرير ويعجبون منه . 

ذكرني فوكِ حماري أهلي

- ذكّرني فوكِ حماري أهلي !

 زعموا أن رجلا شابا خرج يطلب حمارَيْن لأهله ، فمر على امرأة منتقبة جميلة في النقاب ، فقعد بحذائها وترك طلب الحمارين ، وشغله ما سمع من حسن حديثها ، وما رأى من جمالها في النقاب ، فلما سفرت عن وجهها إذا لها أسنان مكفهرة منكرة مختلفة ، فلما رآها ذكر حمارَيه فقال: " ذكّرَني فوكِ حمارَيْ أهلي" = فذهب قوله مثلا. 

قال أبو هلال العسكري : يضرب مثلا للرجل يبصر الشيء ، فيذكر به حاجةً كان قد نسيها.

التصغير ليس له تصغير

ذكر أبو حيان في كتاب محاضرات العلماء : حدثنا القاضي أبو حامد أحمد بن بشر ، قال: كان الفراءُ يوما عند محمد بن الحسن ، فتذاكرا في الفقه ، والنحو ، ففضّل الفراء النحو على الفقه ، وفضّل محمد بن الحسن الفقه على النحو ، حتى قال الفراء: قلّ رجلٌ أنعَمَ النظرَ في العربيةِ وأرادَ علماً غيرَه إلا سهلَ عليهِ .
فقال محمد بن الحسن: يا أبا زكريا قد أنعمت النظرَ في العربيةِ ، وأسألُك عن بابٍ من الفقهِ .
فقال: هات على بركة الله تعالى .
فقال له: ما تقول في رجل صلى فسها في صلاته ، وسجد سجدتي السهو ، فسها فيهما ؟ 
فتفكر الفراء ساعة ، ثم قال: لا شيء عليه .
فقال له محمد: لم ؟
قال: لأن التصغير عندنا ليس له تصغير ! وإنما سجدتا السهو تمام الصلاة ، وليس للتمام تمام .
فقال محمد بن الحسن: ما ظننت أن آدميا مثلك .

اسمع مني حتى يعلو إسنادك

قال الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:

حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي مُذاكرةً ، قال: سمعت الحسن بن علي المقرئ ، يقول: سمعت أبا الحسين بن فارس اللغوي ، يقول: سمعت الأستاذ ابن العميد ، يقول: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة ، والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدتُ مذاكرةَ سليمان بن أحمد الطبراني ، وأبي بكر الجعابي بحضرتي ، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه ، وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته ، وذكاء أهل بغداد حتى ارتفعت أصواتها ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه ، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي ، فقال: هاته ، فقال: نا أبو خليفة نا سليمان بن أيوب ..، ـ  وحدث بالحديث ـ فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب ! ، ومني سمع أبو خليفة ، فاسمع مني حتى يعلو إسنادك فإنك تروي عن أبي خليفة عني !
فخجل الجعابي ، وغلبه الطبراني ، قال ابن العميد: فوددت في مكاني أن الوزارة ، والرئاسة ليتها لم تكن لي ، وكنت الطبراني ، وفرحت مثل الفرح الذي فرح به الطبراني لأجل الحديث ، أو كما قال.. اهـ 

صدق ، والله هذه اللذة ، لا لذة الشهوات والمناصب الزائلة ، قال الإمام إبراهيم بن أدهم: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف.

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

أنا على سفرٍ لابد من زادِ

قال الأصمعي:أتيت البادية فإذا أعرابيٌ زَرع بُرّاً (نظير القمح) له فلما قام سوقُه (جمع ساق) وجاء سنبله أتاه جراد فجعل ينظر إليه ولا يرى كيف الحيلة فيه ثم أنشأ يقول:
مر الجرادُ على زرعي فقلت له...

                    لا تأكلنَّ ولاتشتغل بإفسادِ
فقال منهم خطيباً فوق سنبلة...

                     أنا على سفرٍ لابد من زادِ

(والرواية بنصب خطيب على الحال قصد بها الأعرابي تمكن الجراد من سنبله)

شتان ما بين الحمار والفرس

وقال شاعر يصف النحو:

اقتبس النحو فنعم المقتبس *** والنحو زين وجمال ملتمس
صاحبه مكرم حيث جلس *** من فاته فقد تعمى وانتكس
كأن ما فيه من العي خرس *** شتان ما بين الحمار والفرس

أخطأ في الأذان

قال أبو عبد الله الحاكم :
حضرت أبا العباس [ يعني الأصم ، وكان من طلاب الربيع بن سليمان تلميذ الإمام الشافعي ] يوماً في مسجده ، فخرج ليؤذن لصلاة العصر ، فوقف موضع المئذنة ، ثم قال بصوت عال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، ثم ضحك ، وضحك الناس ، ثم أذن .

دعه في النار وانا في الدار


مات احد المجوس وكان عليه دين كثير فقال بعض غرمائه لولده : لو بعت دارك ووفيت بها دين والدك فقال الولد اذا انا بعت داري وقضيت بها عن ابي دينه فهل يدخل الجنه فقالوا لا قال الولد فدعه في النار وانا في الدار

ولد نحوي متقعر

كان لبعضهم ولد نحوي في كلامه ، فاعتل أبوه علة شديدة اشرف منها على الموت فاجتمع عليه اولاده وقالوا له : ندعولك فلانا اخانا قال : لا ان جاءني قتلني فقالوا : نحن نوصيه فدعوه فلما دخل عليه قال : ياابت قل لا اله الا الله تدخل الجنة وتفر من النار ياابت والله مااشغلني عنك الا فلان فإنه دعاني بالامس فاهرس واعدس واستبذج وسلبج وطهبج وافرج ودجج وابصل ولوزج وافلوذج فصاح ابوه : غمضوني فقد سبق اللعينُ ملكَ الموت الى قبض روحي.

قد ذَهب كل عمرك

كان أحد النحويين راكباً في سفينة فسأل أحد البحارة: هل تعرف النحو؟ 
فقال له البحار: لا. 
فقال النحوي: قد ذَهب نصف عمرك. 
وبعد عدة أيام هبت عاصفة وكانت السفينة ستغرق فجاء البحار إلى النحوي وسأله: هل تعرف السباحة؟ قال النحوي: لا. 
فقال له البحار: قد ذَهب كل عمرك.

قل الثالثة وادخل

قرع رجل على الحسن البصري الباب . وقال : يا أبو سعيد ، فلم يجبه، فقال : أبي سعيد ، فقال الحسن : قل الثالثة وادخل .

يلحنون ويربحون

من أطرف ما يروى في استنكار اللحن واستهجانه أن أعرابيًا دخل السوق فسمع أهله يلحنون في كلامهم فقال: سبحانك اللهم يلحنون وترزقهم!.

ويروى أن أبا الأسود الدؤلي رأى أعدالاً مكتوبًا عليها "لأبو فلان" فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون!.

شراء الكتب

عاتبت زوجة أحد العلماء على إنفاق الأموال في شراء الكتب فقال لها :

وقائلةٍ أنفقت في الكتب ما حوتْ ... 

                       يمينك من مالٍ فقلت دعيني 
لعلّي أرى فيها كتـــاباً يدلني ... 
                       
                       لأخـذ كتابي آمنـاً بيميني

بلد مات فقيهاه وشاعراه في سنة

تزامنت وفاة الإمام محمد بن سيرين والتي كانت سنة 110 هـ ، مع وفاة الحسن البصري الفقيه المعروف ، والفرزدق ، وجرير في نفس السنة. 
حتى إن امرأة عارفة من نساء أهل البصرة قالت في هذا الحدث : " كيف يفلح بلد مات فقيهاه وشاعراه في سنة " .


وما أنت بأعظم من سليمان

قال الدميري في حياة الحيوان: 
" روي أن رجلاً استوقف المأمون ليسمع منه فلم يقف له ، فقال : يا أمير المؤمنين إن الله استوقف سليمان بن داود ـعليهما السلام لنملة ليستمع منها ، وما أنا عند الله بأحقر من نملة ، وما أنت عند الله بأعظم من سليمان ، فقال له المأمون : صدقت ، ووقف له وسمع له وقضى حاجته " 

من طرائف الأعمش

جاءه الإمام أبو حنيفة رحمه الله ذات يوم عائدا له فقال له : لولا أن أثقل عليك يا أبا محمد، لعدتك والله في كل يوم مرتين. فقال له الأعمش: والله يا ابن أخي، أنت ثقيل علي وأنت في بيتك، فكيف لو جئتني في كل يوم مرتين.

وقال الأعمش لابنه: اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعًا، فقال الولد: يا أبتي في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك!

من طرائف الإمام الأعمش

و أراد مرة الإمام إبراهيم النخعي وكان أعورا أن يماشيه فقال له الأعمش: إن رآنا الناس معاً قالوا: أعور وأعمش ؛ فقال النخعي: وما عليك أن يأثموا ونؤجر؟! فقال له الأعمش: وما عليك أن يسلموا ونسلم.

وطلبه رجل ذات يوم فلثيه مع زوجته فقال لهما مخاطبا :أيكما الأعمش فأجابه الأعمش :هذه و أشار إلى امرأته.

من طرائف الإمام الأعمش رحمه الله


من طريف ما ذكر عنه أنه كانت له زوجة من أجمل نساء الكوفة، فجرى بينهما كلام، وكان الأعمش قبيح المنظر، فنشزت عليه امرأته ، وكان يأتيه رجل أعمى فصيح اللسان يقال له أبو البلاد ، فقال له يا أبا البلاد ان امرأتي قد نشزت علي وغمتني فتحدث اليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم ... فخاطب أبو البلاد زوجة الأعمش فقال ان الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا لا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه فغضب الأعمش وقال أعمى الله قلبك قد بصرتها بعيوبى كلها أخرج من بيتي فأخرجه .

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

نَوَادِر ابْن أبي عَتيق

دخل على عَائِشَة - وَكَانَت عمّته - فِي مَرضهَا الَّذِي مَاتَت فِيهِ، فَقَالَ: كَيفَ أَصبَحت؟ جعلني الله فدَاك، قَالَت: أجدني ذَاهِبَة. قَالَ: فَلَا إِذن.

وَجلسَ يَوْمًا يتغدّى، وَمَعَهُ أَوْلَاده، فَجعلُوا يتناولون اللَّحْم من بَين يَدَيْهِ. فَقَالَ: يَا بني، إِن الله أوصى بالوالدين، فَقَالَ: " فَلَا تقل لَهما أفّ " وَالله لِأَن تَقولُوا لي: أفّ ثَلَاثِينَ مرّة أيسر عليّ من أخذكم اللَّحْم من بَين يديّ.

تَدْرُونَ مَا أُرِيد أَن أَقُول لكم؟

صعد بعض الْوُلَاة الْمِنْبَر ليخطب فِي يَوْم الْجُمُعَة، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ حصر، فَلم يدر مَا يَقُول، ثمَّ قَالَ: معاشر الْمُسلمين، تَدْرُونَ مَا أُرِيد أَن أَقُول لكم؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِذا لم تدروا فلماذا أتعب نَفسِي؟ وَنزل. فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِيَة اجْتمع النَّاس وَقَالُوا: نقُول لَهُ: نعم، إِن قَالَ لنا مَا قَالَ فِي الْجُمُعَة الأولى. فَصَعدَ الْمِنْبَر وَقَالَ: معاشر النَّاس، تَدْرُونَ مَا أَقُول لكم؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: فَإِذا كُنْتُم تَدْرُونَ فلماذا أرذي نَفسِي؟ وَنزل. فَلَمَّا كَانَت فِي الْجُمُعَة الثَّالِثَة قَالَ مثل قَوْله. فَقَالَ بعض النَّاس: لَا. وَقَالَ بَعضهم: نعم. قَالَ فَلْيقل من يعلم لمن لَا يعلم، وَنزل.

أعيدوا صَلَاتكُمْ

قَالَ المتَوَكل لعبادة: رُفع إليّ أَنَّك ضربت إِمَام مَسْجِد، وَإِن لم تأت بِعُذْر أدّبتك. قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، كنت قد خرجت فِي بعض الْأَيَّام لحَاجَة لي غلسا، فمررت بِمَسْجِد قد أُذّن فِيهِ لصَلَاة الْفجْر، فَقلت: أَقْْضِي هَذِه الْعِبَادَة، ثمَّ أتوجه لحاجتي، فَدخلت، فاقام الْمُؤَذّن، ودخلنا فِي الصَّلَاة، فابتدأ الإِمَام فَقَرَأَ الْفَاتِحَة، وافتتح سُورَة الْبَقَرَة، فَقلت: لَعَلَّه يُرِيد أَن يقْرَأ آيَات من هَذِه السُّورَة فَانْتهى إِلَى آخرهَا فِي الرَّكْعَة الأولى، ثمَّ قَامَ إِلَى الثَّانِيَة، فَلم أَشك فِي أَنه يقْرَأ مَعَ الْفَاتِحَة سُورَة الْإِخْلَاص. فَافْتتحَ سُورَة آل عمرَان حَتَّى أتمهَا، ثمَّ أقبل بِوَجْهِهِ على النَّاس، وَقد كَادَت الشَّمْس تطلع. فَقَالَ: أعيدوا صَلَاتكُمْ - رحمكم الله - فَإِنِّي لم أكن على طَهَارَة، فَقُمْت إِلَيْهِ وصفعته. فَضَحِك المتَوَكل من ذَلِك.

نوادر بعض المؤذنين والأئمة

جازَ شيخ بِبَاب مَسْجِد، والمؤذن يُقيم الصَّلَاة، فَدخل يستغنم الْجَمَاعَة، فَلَمَّا نظر الْمُؤَذّن إِلَى شيهته ووقاره سَأَلَهُ أَن يتَقَدَّم وَيُصلي بهم، فَامْتنعَ، وَتقدم الْمُؤَذّن فصلى بهم، فَلَمَّا فرغ أقبل على الشَّيْخ وَقَالَ: مَا مَنعك أَن تصلي بِنَا وتكتسب أجرا مَعَ محلّك من السن؟ فَقَالَ: أَنا - وحقّك - إِذا كنت على غير طهر لَا أؤم بِالنَّاسِ.

قَالَ بَعضهم: رَأَيْت مُؤذنًا قد أذن ثمَّ عدا، فَقلت لَهُ: إِلَى أَيْن؟ فَقَالَ: أحب أَن أسمع أذاني من بعيد.

قَالَ: وَرَأَيْت مُؤذنًا يُؤذن من رقْعَة من فِي يَده، فَسَقَطت الرقعة واحتملها الرّيح، فَجعل يعدو وَيَقُول: خُذُوا أذاني، خُذُوا أذاني. قَالَ: وَرَأَيْت آخر يُؤذن من رقْعَة، فَقلت لَهُ: لم لَا تحفظه؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي، وَلَكِن سل القَاضِي. فَجئْت إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، فَدخلت وسلّمت عَلَيْهِ. فَعدا إِلَى بَيته وَأخرج دفتراً وتصفّحه ثمَّ قَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام.فعذرت الْمُؤَذّن.

وأحدث إِمَام فِي الصَّلَاة، فَتَأَخر وَقدم رجلا، وَذهب يجدد الْوضُوء، فقدّر الإِمَام الثَّانِي أَنه لَا يجوز أَن يصلّي لَهُ، فَوقف ينْتَظر صَاحبه، فَلَمَّا طَال قِيَامه تنحنحوا من خَلفه، فَالْتَفت إِلَيْهِم وَقَالَ: مالكم؟ إِنَّمَا قدمني رجل فَأَنا أحفظ مَكَانَهُ إِلَى أَن يرجع وَيعْمل مَا يرى. 

وَقيل ليونس النَّحْوِيّ - وَكَانَ لَهُم إِمَام يقنت ويطيل -: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، لَو قلت لإمامنا: يُخفف من قنوته؟ فَقَالَ: قد سَأَلته فَلم يفعل. قَالُوا: فَهَل عنْدك من الدُّعَاء مَا تَدْعُو بِهِ فِي طول قِيَامه؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي إِذا فرغت من دعائي لم أزل أَدْعُو عَلَيْهِ حَتَّى يرْكَع. 


نوادر الأعراب

ولي يُوسُف بن عمر أَعْرَابِيًا عملا لَهُ فَأصَاب عَلَيْهِ خِيَانَة فَعَزله، فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا عَدو الله أكلت مَال الله، قَالَ: فَمن مَال من آكل إِذن؟

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: صلى أَعْرَابِي فَأطَال الصَّلَاة، وَإِلَى جَانِبه نَاس فَقَالُوا: مَا أحسن صلَاته! فَقطع صلَاته وَقَالَ: وَأَنا مَعَ هَذَا صَائِم.

 وَكَانَ أَعْرَابِي بِالْيَمَامَةِ والياً على المَاء، وَإِذا اخْتصم إِلَيْهِ اثْنَان، وأشكل عَلَيْهِ الْقَضَاء حبسهما جَمِيعًا حَتَّى يصطلحا، وَيَقُول: زَوَال اللّبْس أَو الْحَبْس.

ولي أَعْرَابِي الْبَحْرين فَجمع الْيَهُود فَقَالَ لَهُم: مَا تَقولُونَ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: قَتَلْنَاهُ وصلبناه؛ فَقَالَ: لَا تخْرجُوا من السجْن حَتَّى تُؤَدُّوا دِيَته.

دخل أَعْرَابِي على يزِيد بن الْمُهلب، وَهُوَ فِي فرَاشه فَقَالَ: كَيفَ أصبح الْأَمِير؟ قَالَ يزِيد: كَمَا تحب. فَقَالَ: لَو كنت كَمَا أحب، كنت أَنْت مَكَاني، وَأَنا مَكَانك. فَضَحِك.

وقف أَعْرَابِي يسْأَل شَيْئا فَقيل لَهُ: يَا أَعْرَابِي، هَل لَك فِي خير مِمَّا تطلب؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تعلمنا سُورَة من الْقُرْآن، قَالَ: وَالله إِنِّي لَا أحسن مِنْهَا مَا إِن حفظت كفاني، أحسن مِنْهُ خمس سور، قَالَ: فَقُلْنَا اقْرَأ، فَقَرَأَ: الْحَمد لله، وَإِذا جَاءَ نصر الله، وَإِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر. ثمَّ سكت، فَقُلْنَا لَهُ: هَذِه ثَلَاثَة فَأَيْنَ الثنتان؟ قَالَ: إِنِّي وهبتهما لِابْنِ عَم لي، يُرِيد أَنِّي علمتهما إِيَّاه، وَلَا وَالله أَعُود فِي شَيْء وهبته أبدا. 

ذكاء الصغار

 قَالَ البلاذُري: أدخِلَ الرّكاضُ وَهُوَ ابنُ أَربع سِنِين إِلَى الرشيد ليعجبَ من فطنته، فَقَالَ لَهُ: مَا تحبُّ أنْ أهَبَ لَك؟ قَالَ: جميلَ رَأْيك فَإِنِّي أفوزُ بِهِ فِي الدُّنيا، وَالْآخِرَة، فَأمر لَهُ بدنانيرَ، ودراهمَ فصُبَّتْ بَين يَدَيْهِ. فَقَالَ: اختر الأحبَّ إِلَيْك. قَالَ: الأحبَّ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَهَذَا مِنْ هذَين، وضربَ يدَه إِلَى الدَّنانير فَضَحِك الرشيدُ، وَأمر أَن يضم إِلَى وَلَده، وَيجْرِي عَلَيْهِ. 

اجتازَ عمرُ بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بصبيان يَلْعَبُونَ، وَفِيهِمْ عبدُ الله ابْن الزُّبير فتهاربُوا إِلَّا عبدَ الله فَإِنَّهُ وقفَ. فَقَالَ لَهُ عمرُ: لِمَ لمْ تَفِرّ مَعَ أَصْحَابك؟ قَالَ: لم يكُن لي جُرمٌ فأفرَّ مِنْك، وَلَا كَانَ الطريقُ ضيّقاً فأُوسِّعَهُ عَلَيْك. 

قَالَ إياسُ: كَانَ لي أخٌ، فَقَالَ لي وَهُوَ غُلَام صغيرٌ: مِنْ أَي شَيْء خُلقنا قلتُ: مِنْ طين. فَتَنَاول مَدَرةً، وَقَالَ: مِنْ هَذَا؟ قلتُ: نعم. خلَق الله آدم من طين: قَالَ: فيستطيع الَّذِي خلقنَا أَن يُعيدنا إِلَى هَذَا الَّذِي خلقنَا مِنْهُ؟ قلتُ: نعمْ. قَالَ: فَيَنْبَغِي لنا أَن نخافَه.

الفتحُ بن خاقَان

كَانَ الفتحُ بن خاقَان - وَهُوَ صبي - بَين يديى المعتصم، فَقَالَ لَهُ، وعرضَ عَلَيْهِ خاتَمّهُ: هَل رأيتَ - يَا فتحُ - أحسنَ من هَذَا الفصِّ؟ قَالَ: نعم: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ اليدُ الَّتِي هُوَ فِيهَا أحسنُ مِنْهُ.

وَعَاد المعتصمُ أَبَاهُ - وَالْفَتْح صغيرٌ - فَقَالَ لَهُ: دَاري أحسنُ أم دارُ أَبِيك؟ قَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ، دارُ أبي مَا دُمتَ فِيهِ.

دَميمٌ وكذاب

وَنظر دَميمٌ يَوْمًا فِي الْمرْآة، وَكَانَ ذَمِيمًا، فَقَالَ: الحمدُ لله، خلقّني فَأحْسن خلقي وصورني فاحسن صُورَتي، وَابْن لَهُ صغيرٌ، يسمع كَلَامه. فَلَمَّا خرج سألهُ رجلٌ - كَانَ بِالْبَابِ - عَن أَبِيه. فَقَالَ: هُوَ بالبيتِ يكْذبُ على الله.

نَوَادِر الصِّبيان

قَالَ رجل لِابْنِهِ: مَا أَرَاك تُفْلح أبدا. فَقَالَ الأبن: إِلَّا أنْ يَرْزُقنِي الله مؤدبا غيرَك.

 قَالَ بَعضهم: أحضِرْتُ لتعليم المعتزّ - وَهُوَ صَغِير - فَقلت لَهُ: بِأَيّ شَيْء تبدأ الْيَوْم؟ فَقَالَ: بالانصراف.

عرْبدَ غُلَام على قوم، فَأَرَادَ عمُّه أَن يعاقبَه، ويؤدِّبَه، فَقَالَ لَهُ: يَا عمِّ: إِنِّي قد أسأْتُ، وليسَ معي عقْلي، فَلَا تُسيء بِي ومعَك عقلُك.




نوادر المعلمين

قَالَ بعضُهم: مَرَرْت بِبَعْض سككِ الْبَصْرَة وَإِذا معلمٌ قد ضرب صَبيا، وَأقَام الصّبيان صفا، وَهُوَ يقولُ هَلُمَّ: اقْرَءُوا. ثمَّ جَاءَ إِلَى صبي بجنْب الصَّبِي الَّذِي ضربه، فَقَالَ: قُل لهَذَا يقرأُ، فَإِنِّي لست ُأكَلِّمهُ.

قَالَ بَعضهم: مررْتُ بمعلم وَإِذا صِبيانُه يلعبُون ويقتَتِلُون، فقلتُ للمعلم: مَا بالُ صبيانكَ ليْسُوا يَفْرَقُون مِنْك قَالَ: وَأَنا أيْضاً لستُ أفُرقُ منْهم. 

قَالَ: مررتُ يَوْمًا بمعلِّم - والصبيانُ يحذِفُون عينَه بالقَصب - وَهُوَ ساكتٌ - فَقلت: ويحْكَ {} أرى مِنْك عَجَبا. فَقَالَ: وَمَا هُو؟ قلتُ: أراكَ جالِساً والصبيانُ يَحْذفُون عَيْنِك بالقَصب {} فَقَالَ: اسكتْ، ودَعْهُم. فَمَا فَرحي وَالله إِلَّا أنْ يُصيبَ عَيْني شيءٌ، فأريكَ كيفَ أنتِفُ لِحَي آبَائِهِم.

قَالَ: رأيتُ معلما بِالْكُوفَةِ - وَهُوَ شيخٌ مخضوبُ الرَّأْس واللحْية - وَهُوَ يجلس يبكي فوقفتُ عَلَيْهِ، وقلتُ: يَا عمّ: مِمَّ تبْكي؟ فَقَالَ: سرق الصبيانُ خُبْزي.


من نوادر أشعب

سَأَلَ سَالم بنُ عبدِ الله بن عمر أشعبَ عَن طمعه، فَقَالَ: قلتُ لصبيان مرَّةً: اذهبُوا. هَذَا سَالم قد فتَح بيتَ صدَقَة عمرَ حَتَّى يُطعمكم تمرْاً. فلمَّا احْتبسوا ظننْتُ انه كَمَا قلتُ لَهُم فغدوْتُ فِي أثَرهم. 

وَقيل لَهُ أَيْضا: مَا بلغَ من طمعك؟ قَالَ: لم أر اثْنَيْنِ قطُّ. يتسَارانِ إِلَّا ظننتُ أَنَّهُمَا يأمران لي بِشَيْء.

ووقف علىَ رجل خَيْزُراني - وَكَانَ يعْمل طبقًا - فَقَالَ لَهُ: وسعْه قَلِيلا. قَالَ الخَيْزْراني: وَمَا تُريد بذلك؟ كأنَّك تُريد أنْ تشتريَه؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن يَشْتَرِيهِ بعضُ الْأَشْرَاف، فَيْهدي إِلَيّ فِيهِ شَيْئا.

كَانَ أشعبُ يحدِّث عَنْ عبد الله بن عُمر، فيقولُ: حدَّثني عبد الله، وَكَانَ يُبغضُني فِي الله.

نوادر أشعب

كَانَ يَقُول: كَلْبِي كلبُ سوء، يبصبص للأضياف وينبح أصحابَ الْهَدَايَا.

 وَقيل لَهُ: لقد لِقيتَ رجلا من أصْحاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَو حَفظتَ أَحَادِيث تتحدَّثُ بهَا؟ ؟ قَالَ: أَنا أعلُم الناسِ بِالْحَدِيثِ. قيل: فحدِّثنا. قَالَ: حَدثنِي عِكرمةُ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: خلَّتَان لَا تجتمعان فِي مُؤمن إِلَّا دخلَ الجنةَ. ثمَّ سكتَ. قيل لَهُ: هاتِ، مَا الخلَّتان؟ قَالَ: نسِي عِكرمةُ إحداهُما، ونسيُ أَنا الْأُخْرَى.

قَالَ بعضُهم: قلت لَهُ: لَو تحدثتَ عِنْد العَشيّة فَقَالَ: أخافُ أَن يجِئ إنسانٌ ثقيل: قلتُ: لَيْسَ مَعنا ثالثٌ. فمضَى معي. فَلَمَّا صليتُ دعوتُ بالعشاء، فَلم يلبثْ أنْ جَاءَ صديقٌ يدقُّ البابَ، فَقَالَ أشْعَبُ: تُرى قد صِرنْا إِلَى مَا نكُرهُ؟ قَالَ: قلتُ لَهُ: عِنْدي فِيهِ عشرُ خِصال لَا يُكرهُ مِنْهَا خَصْلةٌ، فَإِن كرهت وَاحِدَة لم آذن لَهُ. قَالَ. هَات. قلت: أولَاهُنَّ أَنه لَا يَأْكُل. فَقَالَ التسع الْبَاقِيَة لَك. أدخلهُ.

الَ أشَعب: جَاءَتْنِي جاريةٌ بِدِينَار، وقالتْ هَذِهِ ودَيعةٌ عندكَ. فجعلتُه بيْن ثِنْى الْفراش. فجاءتْ بعد أَيَّام فقالتْ: بِأبي الدينارَ فقلتُ: ارفعي الْفراش، وخُذي ولدّهُ. وكنتُ تركتُ إِلَى جَنْبه درهما فَتركت الدينارَ. وَأخذت الدِّرْهَم وعادت بعد أَيَّام فوجدتْ معهُ درهما آخرَ، فَأَخَذته. وعادت فِي الثَالثة كَذَلِك. فَلَمَّا رأيتُها فِي الرابعةِ بكيتُ. فَقَالَت: مَا يُبكيكَ؟ قلتُ ماتَ دينارُك فِي النِّفاس. قَالَت: وَكَيف يكون للدينار نِفَاسٌ؟ ؟ قلتُ: يَا جاهلة تُصدقين بِالْولادَةِ، وَلَا تصدقين بالنفاس.

من نوادر جحا

لما قَدَم أَبُو مُسلم الْعرَاق قَالَ ليَقْطين بن مُوسَى: أحبُ أنْ أرى جحا. قَالَ: فوجَّه يقطينُ إِلَيْهِ فدعاهُ وَقَالَ: تهيأْ حَتَّى تدخُل على أبي مُسلم فَإِذا دخلْت عليْه فَسلِّم، وإيَّاك أَن تَتَعلَّقَ بِشَيْء دونَ أنْ تشْتدَّ فَإِنِّي أخشاهُ عليْكَ قَالَ: نعمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَد، وجلسَ أَبُو مسْلم وجَّه يقْطينُ إِلَيْهِ فَدَعاه، فأدخلَ على أبي مُسلم - وَهُوَ فِي صَدْر الْمجْلس - ويقطينُ إِلَى جنبه، فسلَّم. ثمَّ قَالَ: يَا يقَطينُ. أيُّكُما أَبُو مُسلم؟ فَضَحِك أَبُو مُسلم حَتَّى وضَع يَده على فَمه. وَلم يكُن رُئي قبلَ ذَلِك ضَاحِكا. 

أكلَ جحا يَوْمًا مَعَ قوم رؤساً، فَلَمَّا فرغ من الْأكل دَعَا للْقَوْم، وَقَالَ: أطْعمكُم اللهُ مِنْ رُؤْس أهل الْجنَّة.

وَسمع قَائِلا يَقُول: مَا أحْسنَ القمرَ؟ فَقَالَ: أَي وَالله خَاصَّة بِاللَّيْلِ.

نَوَادِر جحا

قيلَ لجحا: أتعلمتَ الحسابَ؟ قَالَ: نعمْ. فَمَا يُشكلُ على شيءٌ مِنْهُ. قَالَ لَهُ: اقْسم أربعةَ دراهَم على ثَلَاثَة. فَقَالَ: لِرجلَيْنِ دِرْهَمَانِ، دِرْهَمَانِ، وَلَيْسَ للثالثِ شيءٌ.

وَأَرَادَ المهديُّ أَن يعبث بِهِ فَدَعا النطع والسَّيف، فَلَمَّا أقُعد فِي النطع، وَقَامَ السيافُ على رَأسه وهز سَيْفه، وَرفع إِلَيْهِ رأسهُ. فَقَالَ: انظُر لَا تُصيبُ محاجمي بالسيفِ، فَإِنِّي قد احتجمتُ فَضَحِك المهديُّ وأجَازَه.

واجتَازَ يَوْم بِبَاب الْجَامِع فَقَالَ: لِمنْ هَذَا الْقصر؟ قَالُوا لَهُ: هَذَا مَسْجِد الْجَامِع. قَالَ: رحِمَ اللهُ جَامعا. مَا أحسنَ مَا بَنَي مسجدَه؟


اسْم الذِّئْب

قَالَ أَبُو عَلْقَمَة: كَانَ اسْم الذِّئْب الَّذِي أكل يُوسُف كَذَا. قَالُوا لَهُ: فَإِن يُوسُف لم يَأْكُلهُ الذِّئْب، وَإِنَّمَا كذبُوا على الذِّئْب. قَالَ: فَهَذَا اسْم الذِّئْب الَّذِي لم يَأْكُل يُوسُف.

من نوادر البخلاء

الَ بَعضهم لبخيل: لم لَا تَدعُونِي يَوْمًا؟ . قَالَ: لِأَنَّك جيد المضغ، سريع البلع، إِذا أكلت لقْمَة هيأت أُخْرَى. قَالَ: فتريد مني إِذا أكلت لقْمَة أَن أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أَعُود إِلَى الثَّانِيَة؟ 

دَعَا بخيلٌ قوما، وَاتخذ لَهُم طَعَاما، فَلَمَّا جَلَسُوا يَأْكُلُون وَهُوَ قَائِم يخدمهم، وأمعنوا فِي الْأكل جعل صَاحب الْبَيْت يَتْلُو فِيمَا بَينه وَبَين نَفسه: " وجزاهم بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا ".

وَكَانَ جَعْفَر بن سُلَيْمَان بَخِيلًا على الطَّعَام، فرقعت الْمَائِدَة من بَين يَدَيْهِ وَعَلَيْهَا دجَاجَة، فَوَثَبَ عَلَيْهَا بعض بنيه وَأكل مِنْهَا، وأعيدت عَلَيْهِ من غَد؛ فَلَمَّا رَآهَا وَقد أكل مِنْهَا شَيْء. قَالَ: من هَذَا الَّذِي تعاطى فعقر؟ قَالُوا: ابْنك فلَان. فَقطع أرزاق بنيه كلهم، فَلَمَّا طَال عَلَيْهِم قَالَ بعض بنيه: أفتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا، فَأمر برد نصف أَرْزَاقهم.


الاثنين، 5 سبتمبر 2016

جَاءَ من غير أَن أَدْعُوهُ

دخل طفيلي على قوم، وَجلسَ يَأْكُل مَعَ الأضياف، فاستحيا صَاحب الْمنزل من الْقَوْم، وَكره أَن يتوهموا أَنه قد دَعَاهُ، وعاشرهم بِمثلِهِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي لمن أشكر؟ لكم إِذْ أجبتم دَعْوَتِي، أم لهَذَا الَّذِي جَاءَ من غير أَن أَدْعُوهُ؟ فَعلم الْقَوْم أَن الرجل طفيليّ.

نسيت نعلي

جَاءَ طفيلي إِلَى بَاب دَار فِيهَا عرس، فَمنع من الدُّخُول فَمضى، ثمَّ عَاد وَقد حمل إِحْدَى نَعْلَيْه فِي كمه، وعلق الْأُخْرَى بِيَدِهِ، وَأخذ خلالاً يَتَخَلَّل بِهِ، وَجَاء فدق الْبَاب، فَقَالَ لَهُ البواب: مَا لَك؟ قَالَ: السَّاعَة خرجت ونسيت نَعْلي هُنَاكَ. قَالَ: فَادْخُلْ. فَدخل وَأكل مَعَ الْقَوْم ثمَّ خرج.


أعرابي ودجاجة

قَالَ بَعضهم: قدم أَعْرَابِي من الْبَادِيَة عليّ فَقدمت إِلَيْهِ دجَاجَة مشوية، ولي امْرَأَتَانِ وابنان وابنتان، فَقلت للأعرابي: اقْسمْ الدَّجَاجَة بَيْننَا نُرِيد بذلك أَن نضحك مِنْهُ، قَالَ: فَأخذ رَأس الدَّجَاجَة فَقَطعه، ثمَّ ناولنيه، فَقَالَ: الرَّأْس للرئيس، ثمَّ قطع الجناحين وَقَالَ: الجناحان للابنين، ثمَّ قطع السَّاقَيْن وَقَالَ: اسلاقان للابنتين، ثمَّ قطع الزمكي وَقَالَ: الْعَجز للعجوز، ثمَّ ضم الْبَاقِي إِلَيْهِ وَقَالَ: الزُّور للزائر، فَأخذ الدَّجَاجَة بأسرها، فتحيرنا وسخر بِنَا. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أحضرت خمس دجاجات، وَقلت: اقسمها بَيْننَا، فَقَالَ: كَيفَ تحب الْقِسْمَة شفعاً أَو وترا؟ فَقلت: لَا، بل وترا. فَقَالَ: أَنْت وامرأتك ودجاجة وتر، وابناك ودجاجة وتر، وابنتاك ودجاجة وتر، وَأَنا ودجاجتان وتر. فضحكنا، فَقَالَ: لَعَلَّك لم ترض بهَا، إِن شِئْتُم قسمتهَا شفعاً، قلت: افْعَل، فَقَالَ: أَنْت وابناك ودجاجة شفع، وامرأتك وابنتاك ودجاجة شفع، وَأَنا وَثَلَاث دجاجات شفع.

حيلة متطفل

مر طفيلي إِلَى بَاب عرس، فَمنع من الدُّخُول، فَذهب إِلَى أَصْحَاب الزّجاج وَرهن رهنا، وَأخذ عشرَة أقداح، وَجَاء وَقَالَ للبواب: افْتَحْ حَتَّى أَدخل هَذِه الأقداح الَّتِي طلبوها. فَفتح لَهُ، وَدخل وَأكل وَشرب مَعَ الْقَوْم، ثمَّ حمل الأقداح، وردهَا إِلَى صَاحبهَا، وَقَالَ: لم يرضوها، وَأخذ رَهنه. 

أَنا من الغاوين

نظر بَعضهم إِلَى قوم ذَاهِبين فِي وَجه، فَعلم أَنهم يذهبون إِلَى وَلِيمَة، فَقَامَ وتبعهم فَإِذا هم شعراء قد قصدُوا بَاب السُّلْطَان بمدائح لَهُم، فَلَمَّا أنْشد كل وَاحِد مِنْهُم شعره وَأخذ جائزته، وَلم يبْق إِلَّا الطفيلي، وَهُوَ جَالس لَا ينْطق، قيل لَهُ: أنْشد، فَقَالَ: لست بشاعر. قَالُوا: فَمن أَنْت؟ قَالَ: أَنا من الغاوين الَّذين قَالَ الله جلّ ذكره فيهم: " وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ " فَضَحِك الْخَلِيفَة وَأمر لَهُ بِمثل جَائِزَة الشُّعَرَاء.

من نوادر الطفيليين

أولم طفيلي على ابْنَته، فَأَتَاهُ كل طفيلي، فَلَمَّا رَآهُمْ عرفهم، فَرَحَّبَ بهم ثمَّ أدخلهم، فرقاهم إِلَى غرفَة بسلم، وَأخذ السّلم حَتَّى فرغ من إطْعَام النَّاس، فَلَمَّا لم يبْق أحد أنزلهم وأخرجهم. 

قيل لطفيلي: كم بَين منزل فلَان وَفُلَان؟ قَالَ: قدر مَا يُصَلِّي الرجل رغيفين.

كَانَ نقش بنان الطفيلي: مَا لكم لَا تَأْكُلُونَ؟ وَكَانَ يَقُول لأَصْحَابه: إِذا دَخَلْتُم فَلَا تلتفتوا يَمِينا وَلَا شمالاً، وانظروا فِي وُجُوه أهل الْمَرْأَة، وَأهل الرجل حَتَّى يقدر هَؤُلَاءِ أَنكُمْ من هَؤُلَاءِ، وكلموا البواب بِرِفْق، فَإِن الرِّفْق يمن، والخرق شُؤْم، وَعَلَيْكُم مَعَ البواب بِكَلَام بَين كلامين: الإدلال، والنصيحة.

صحب طفيلي جمَاعَة فِي سفر، ففرضوا على أَن يخرج كل وَاحِد مِنْهُم شَيْئا للنَّفَقَة، فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُم: عليّ كَذَا. فَلَمَّا بلغُوا إِلَى الطفيلي قَالَ: أَنا عليّ. . وَسكت. قَالُوا لَهُ: لم سكت؟ وإيش عَلَيْك؟ فَقَالَ: لعنة الله. فضحكوا وأعفوه من النَّفَقَة.


طفيلي

 قَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ فِي الْبَصْرَة أَعْرَابِي من بني تَمِيم يطفل على النَّاس، فعاتبته على ذَلِك، فَقَالَ: وَالله مَا بنيت الْمنَازل إِلَّا لتدخل، وَلَا وضع الطَّعَام إِلَّا ليؤكل، وَمَا قدمت هَدِيَّة فأتوقع رَسُولا، وَمَا أكره أَن أكون ثقلاً ثقيلاً على من أرَاهُ شحيحاً بَخِيلًا، أتعمم عَلَيْهِ مستأنساً، وأضحك إِن رَأَيْته عَابِسا، فَآكل برغمه، وأدعه بغمه، وَمَا اخترق اللهوات طَعَام أطيب من طَعَام لم تنْفق فِيهِ درهما، وَلم تعنّ إِلَيْهِ خَادِمًا.

مديني

قيل لمديني: مَا أَعدَدْت لشدَّة الْبرد؟ قَالَ: شدَّة الرعدة

صَحب مديني بعض وُلَاة الْمَدِينَة، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة قَالُوا: هَل ولاّك شَيْئا؟ قَالَ: نعم، ولاّني قَفاهُ.

كَانَ مديني يجلس على بَاب مَسْجِد، فَيرى النَّاس إِذا اذن الْمُؤَذّن يدْخلُونَ أَرْسَالًا. فَقَالَ: وَالله لَو قَالَ هَذَا الْمُؤَذّن يَوْمًا: حيّ على الزَّكَاة، مَا جَاءَ مِنْكُم أحد.