قال الجاحظ: ما أخجلني أحد إلا امرأتان، رأيت إحداهما في العسكر، وكانت طويلة القامة، وكنت على طعام، فأردت أن أمازحها. فقلت لها: انزلي كُلي معنا. فقالت: اصعد أنت حتى ترى الدنيا!
وأما الأخرى فإنها أتتني، وانا على باب داري، فقالت: لي إليك حاجة وأريد أن تمشي معي. فقمت معها الى أن آتت بي الى صائغ يهودي وقالت له: مثل هذا؟ وانصرفت. فسألت الصائغ عن قولها فقال: إنها أتت ألي بفص وأمرتني أن انقش عليه صورة شيطان! فقلت لها: يا ستي ما رأيت الشيطان؟ فأتت بك وقالت ما سمعت!
قال الجاحظ: سألني بعضهم كتاباً بالوصية الى بعض اصحابي، فكتبت له رسالة وختمتها، فلما خرج الرجل من عندي فضها فإذا فيها: كتابي إليك مع من لا اعرفه، ولا أوجب حقه، فان قضيت حاجته لم أحمدك، وان رددته لم أذمك. فرجع الرجل إلي فقلت له: كأنك فضضت الورقة؟ قال: نعم! فقلت: لا يضيرك ما فيها فانه علامة لي إذا أردت العناية لشخص. فقال: قطع الله يديك ورجليك ولعنك! فقلت: ما هذا؟ فقال: هذا علامة لي إذا أردت أن اشكر شخصاً.
قال الجاحظ: جاءني يوماً بعض الثقلاء فقال: سمعت أن لك ألف جواب مسكت، فعلمني منها؟ فقلت: نعم. فقال: إذا قال لي شخص، يا جاهل! يا ثقيل الروح، اي شيء أقول له؟ فقلت: قل له: صدقت!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق