إعلان

الجمعة، 21 يوليو 2017

المتنبئ النازل عن رتبته


وقيل ادعى رجل النبوة، فأمر الحاكم بضرب عنقه، فلما حضر السَّيَّاف ولم يَبْقَ إلا أن يُضرب قال: لِمَ تقتلوني؟ قيل له: لأنك تدَّعي النبوة. فقال: لستُ مدَّعيها. قيل له: فأي شيء أنت؟ قال: صِدِّيق. قال الحاكم: اضربوه بالسياط، فلما أحضروا السياط ليضربوه قال: لأي شيء تضربوني؟ قيل له: لأنك تدعي أنك صدِّيق. قال: لا أدعي ذلك. قيل له: فمن أنت؟ قال: من التابعين. فقال الحاكم: اضربوه بالدرة وعزروه. فلما أرادوا ذلك قال: ولِمَ؟ قيل له: لادعائك ما ليس لك. فقال: ويحكم! من ساعة كنتُ نبيٍّا، أتريدون أن تجعلوني في ساعة واحدة من آحاد الناس، وتحطوني من النبوة إلى منزلة العوام؟! أمهلوني إلى الغد أصير معكم إلى ما شئتم، فضحكوا وأطلقوا سبيله.

الفضولي المخذول


ويُحْكَى أن رجلًا صادف جاريةً ومعها طبق مغطى، فقال لها: يا جارية، ما في هذا الطبق؟ فقالت: ولله يا سيدي، ما غطيناه إلا حتى لا يعرف فضولي مثلك ما فيه!

الدراهم المنتثرة


لما خرج طاهر بن الحسين إلى محاربة علي بن موسى بن ماهان جعل ذات يوم في كمه دراهم يفرقها على الفقراء، ثم أسبل كمه ناسيًا، فانتفضت الدراهم فتطير من ذلك واغتم، فانتصب له شاعر فقال:

هذا تفرق جمعهم لا غيره...
                   وذهابه منكم ذهاب الهم
شيء يكون الهم بعض حروفه...
                   لا خير في إمساكه في الكم 

فسلا همه وما به، وأمر له بثلاثين ألف درهم.

الفرسان والرجَّالة

قال الأصمعي: مررت بأعرابي في البادية، فرأيته يفلي ثوبه، فيلتقط البراغيث ويدع القمل، فقلتُ له في ذلك. فقال: أبدأ بالفرسان ثم أثني بالرجَّالة.

كثرة السُّؤَّال


اشترى رجل من البخلاء دارًا وانتقل إليها، فوقف ببابه سائل، فقال: فتح لله عليك. ثم وقف ثانٍ وثالث فقال لهما مثل ذلك، ثم التفت إلى ابنته فقال لها: ما أكثر السُّؤَّال في هذا المكان! فقالت: يا أبتِ، ما دمت متمسكًا لهم بهذه الكلمة ما نبالي أكَثُروا أم قَلُّوا!

قاضي الحاجتين بوقت واحد


رُوِيَ في ربيع الأبرار أنه كان لرجل غلام من أكسل الناس، فأمره بشراء عنب وتين فأبطأ، ثم جاءه بأحدهما فضربه، وقال: ينبغي لك إذا ما استقضيناك حاجةً أن تقضي حاجتين. ثم مرض فأمره بأن يأتي بطبيب فأتى به وبرجل آخر. فقال: من هذا الآخر؟ قال: حفَّار، وأنت أمرتني أن أقضي حاجتين بوقت واحد، فإن طبت فحسن، وإلا فيكون حفار القبور حاضراً.

الحائك المتطبب


وروى أبو محمد الخشَّاب النحوي قال: جاز بعض الحاكة على طبيب، فرآه يصف لهذا النقوع ولهذا التمر الهندي، فقال: مَن لا يُحسن مثل هذا؟ فرجع إلى زوجته فقال: اجعلي عمامتي كبيرة. فقالت: ويحك، أي شيء طرأ لك؟ قال: أريد أن أكون طبيبًا.  قالت: لا تفعل؛ إنك تقتل الناس فيقتلونك. قال: لا بُد. فخرج أول يوم، فقعد يصف للناس، فحصَّل قراريط. فجاء وقال لزوجته: أنا كنت أعمل كل يوم بجبَّة، فانظري ما حصل لي! فقالت: لا تفعل. قال: لا بد. فلما كان في اليوم الثاني اجتازت جارية فرأته، فقالت لسيدتها — وكانت شديدة المرض: اشتهيتُ هذا الطبيب الجديد يداويكِ. قالت: ابعثي إليه. فجاء، وكانت المريضة قد انتهى مرضها ومعها ضعف، فقال: عليَّ بدجاجة مطبوخة. فأكلت وقويت ثم استقامت، فبلغ هذا إلى صاحب البلد، فجاء به فشكى إليه مرضًا يشتكيه، فاتفق أنه وصف له شيئًا صلح به، فاجتمع إلى حاكم البلد جماعة يعرفون ذاك الحائك، فقالوا له: هذا رجل حائك لا يدري شيئًا! فقال الحاكم: هذا قد صلحتُ على يديه وصلحت الجارية؛ فلا أقبل قولكم. قالوا: فنجربه بمسائل. قال: افعلوا. فوضعوا له مسائل وسألوه عنها، فقال: إن أجبتكم عن هذه المسائل لم تعلموا جوابها؛ لأن الجواب لهذه المسائل لا يعرفه إلا طبيب، ولكن أليس عندكم مارستان؟ قالوا: بلى، فجاء إلى باب المارستان، وقال: اقعدوا، لا يدخل معي أحد. ثم دخل وحده ليس معه إلا قَيِّم المارستان، فقال للقيم: إنك ولله إن تحدثت بما أعمل صلبتك، وإن سكتَّ أغنيتك. قال: ما أنطق. فأحلفه يمينًا محرجة، ثم قال: عندك في هذا المارستان زيت؟ قال: نعم، قال: هاته. فجاء منه بشيء كثير، فَصَبَّهُ في قدر كبير ثم أوقد تحته، فلما اشتد غليانه صاح بجماعة المرضى، فقال لأحدهم: إنه لا يصلح لمرضك إلا أن تنزل في هذا القدر فتقعد في هذا الزيت. فقال المريض: لله لله في أمري. قال: لابد. قال: أنا قد شُفيت وإنما كان بي قليل من الصداع. قال: أيش يقعدك في المارستان وأنت معافى؟ قال: دعني أخرج. قال: فاخرج وأخبرهم. فخرج يعدو ويقول: شُفِيتُ بإقبال هذا الحكيم، ثم جاء إلى آخر فقال: لا يصلح لمرضك إلَّا أن تقعد في هذا الزيت. فقال: الله الله، أنا في عافية. قال: لا بد. قال: لا تفعل، فإني من أمس أردت أن أخرج. قال: فإن كنت في عافية فاخرج وأخبر الناس بأنك في عافية. فخرج يعدو ويقول: شُفِيتُ ببركة الحكيم. وما زال على هذا الوصف حتى أخرج الكل شاكرين له.

القاضي النبيه


كان بواسط قاضٍ مشهور بالدين والذكاء، فجاءه رجل استودع بعض الشهود كيسًا مختومًا، ذكر أن فيه ألف دينار. فلما حصل الكيس عنده وطالت غيبة المُودِع ظن أنه قد مات، فهمَّ بإنفاق المال، وخَشِيَ من مجيء صاحبه ففتق الكيس من أسفله، وأخذ الدنانير، وجعل مكانها دراهم، وأعاد الخياطة كما كانت، فَقُدِّرَ أن الرجل حضر إلى واسط، وطلب الشاهد بوديعته، فأعطاه الكيس بختمه، فلما حصل في منزله فض ختمه، فإذا في الكيس دراهم، فرجع إلى الشاهد وقال له: اردد عليَّ مالي، فإني أودعتك دنانير، والذي وجدت دراهم، فأنكر. فاستدعى عليه القاضيالمتقدم ذكره، فلما حضرا بين يديه قال القاضي للمستودَع: منذ كم أودعك الكيس؟ قال: منذ خمس عشرة سنة. فقال الرجل لصاحب الكيس: أحضر لي الدراهم، فأحضرها. فقال الرجل للشهود: اعتبروا تواريخ الدراهم. فقرأوا سككها، فإذا منها ما له سنتان وثلاث سنين ونحو ذلك، فأمره أن يدفع له الدنانير فدفعها، وأطاف القاضي به البلد وأسقطه.

الثناء الباقي والعطاء البالي


امتدح نصيب الشاعر، وكان أسود عبد لله بن جعفر، فأمر له بخيل وأثاث ودنانير ودراهم، فقال له رجل: أمثل هذا الأسود يُعْطَى مثلَ هذا المال؟! فقال عبد لله بن جعفر: إن كان أسودَ فإن شعره أبيض، وإن ثناءه لمَرْوِي، وقد استحق بما قال أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا ثيابًا تبلى، ومالًا لا يُغني ومطايا تنضى، وأعطانا مدحًا يُرْوَى وثناء يَبْقَى؟!

الأعمى والسراج


قال بعضهم: خرجت في الليل لحاجة، فإذا أعمى على عاتقه جرة، وفي يده سراج، فلم يَزَلْ يمشيحتى أتى النهر، وملأ جرته وانصرف راجعًا، فقلت: يا هذا، أنت أعمى، والليل والنهار عندك سواء، فَلِمَ حملت السراج؟! فقال: يا فضولي، حملتُه لأعمى القلب مثلك، يستضيء به فلا يعثر بي في الظلمة، فيقع عليَّ فيكسر جرتي. فكأنه ألقمني الحجر.

صابون أم آجر ؟


حكى أبو محمَّد عبد لله بن علي بن خشَّاب النحوي أن رجلًا اشترى من عطار قطعة صابون، ومضىإلى النهر لغسل ثيابه، فلما وصل أخرجها فإذا هي قطعة آجر، فصعب الأمر عليه، وقال: هذا يبيع الناس آجرٍّا أو صابونًا؟! فمضى إليه ليردها، فلما وصل قال: ويحك، أتبيع الناس آجرٍّا أو صابونًا؟ قال: كيف أبيع آجرٍّا؟ فأخرجها من كمه فإذا هي قطعة صابون، فاستحى ورجع إلى النهر، فأخرجها فإذا هي آجر، فعاد إليه وَوَبَّخَه، وأخرجها فإذا هي قطعة صابون. فعاد مرةً أخرى كذلك حتى ضجر، فقال له العطار: لا يضيقن صدرك، فإن لنا ولدًا قد أخرجناه على الاحتيال فاعتاده، وإنك كلما مضيت فعل هذا، فإذا رآك قد عُدت لردها أعادها في كُمِّكَ، وأنت لا تعلم.

الثلاثاء، 11 يوليو 2017

ودعاؤك مستجاب؟!


جاء رجلٌ بقمح ليطحنه، فقال الطحّان: إنَّ عندي شغلاً كثيراً فترفق. فأبى، فقال: لئن لم تطحنه دعوتُ عليك الليلة فتهلك دوابك. فقال لـه الطحّان: ودعاؤك مستجاب؟! قال: نعم. قال: فادع الله أن يجعل قمحك طحيناً!! 

بخيل


اشترى بعض البخلاء إبريقاً وصحناً من الفخّار، وقال للفخّاري: اكتب عليها شيئاً، فكتب على الإبريق:(فمن شرب منه فليس مني)، وعلى الصحن (ومن لم يطعمه فإنه مني)

يأكل في الصلاة


كان أحد المجانين يأكل بلحاً، وبقي في جيبه واحدة، وذهب يصلي. ففي أثناء الصلاة تذكرها فأخرجها من جيبه وأكلها فغمزه الذي بجانبه، ليكف عن الأكل في الصلاة. فقال المجنون: والله ما عندي غيرها أعطيها لك!!

أما أنا فذاهب إلى البيت !!


قـــرأ إمام في صلاته التكوير  فلمّا بلغ قوله: (فأين تذهبون)  ارتج عليه وجعل يردد، حتى كادت تطلع الشمس، وكان خلفه رجل معه جراب، فضرب به رأس الإمام وقال: أما أنا فذاهب إلى البيت وهؤلاء لا أدري إلى أين يذهبون!!.

تعزية مغفل


دخل بعض المغفلين على رجل يعزّيه بأخ له، فقال: أعظم الله أجرك، ورحم أخاك، وأعانه على ما يرد عليه من مسألة يأجوج ومأجوج، فضحك مَنْ حضر وقالوا له: ويحك يأجوج ومأجوج يسألان الناس؟ فقال: لعن الله إبليس، أردت أن أقول هاروت وماروت!!

الآن حصحص الحق


بينما إمام يُصلي بقوم التراويح في شهر رمضان وهو يقرأ ســورة يوسف، إذا عرضت له في بطنه، وقد كان قد بلغ قوله:(قالت اتمرأة العزيز)  وقدّر أنه قد غلط فركع، وأفلتت منه ضرطة عظيمـة، فقـــال واحــــد من خلفه: (الآن حصحص الحق)

وإذا لم يأذن لك أبوك؟


صلّى أعرابي خلف إمام، فقرأ:(فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي)  (يوسف/80)، ووقف يرددها. فقال الأعرابي: يا فقيه: إذا لم يأذن لك أبوك في هذا الليل، نظلُّ نحن وقوفاً إلى الصباح، ثم تركه وانصرف!!

إمام مغفل


تقدّم بعض الحمقى، فصلى بقوم المغرب في شهر رمضان فابتدأ سورة البقرة، فانصرف القوم وتركوه، فلما رآهم قد انصرفوا، جعل يقول: سبحان الله سبحان الله (إنا أعطيناك الكوثر)

بالتقسيط


قرأ رجل بين يدي قوم (قل هو الله أحد) الإخلاص/1. فخجل ولم يستطع تمامها، فقال آخر: مَنْ أراد أن يحضر بقية السورة، فليأت غداً، إن شاء الله!!

درهم وربع للركعة


دخل رجل يصلي الظهر وعنده خمسة دراهم، فجعلها أمامه، فرآها الذي بجانبه، فلما سجد أخذها له، فلما تمت الصلاة لم يجدها، فانصرف ولقيه رجل في باب المسجد، فقال: أصليتم؟! قال: نعم، درهم وربع للركعة، فادخل إن شئت!!

الاثنين، 10 يوليو 2017

والشعراء يتبعهم الغاوون


نظر بعضهم إلى قوم ذاهبين في وجه، فعلم أنهم يذهبون إلى وليمة، فقام وتبعهم فإذا هم شعراء قد قصدوا باب السلطان بمدائح لهم، فلما أنشد كل واحد منهم شعره وأخذ جائزته، ولم يبق إلا الطفيلي، وهو جالس لا ينطق، قيل له: أنشد، فقال: لست بشاعر. قالوا: فمن أنت؟  قال: أنا من الغاوين الذين قال الله جل ذكره فيهم: " والشعراء يتبعهم الغاوون " فضحك الخليفة وأمر له بمثل جائزة الشعراء.

إيش عليك؟


صحب طفيلي جماعة في سفر، ففرضوا على أن يخرج كل واحد منهم شيئاً للنفقة، فقال كل واحد منهم: عليّ كذا. فلما بلغوا إلى الطفيلي قال: أنا عليّ.. وسكت. قالوا له: لم سكت؟ وإيش عليك؟ فقال: لعنة الله. فضحكوا وأعفوه من النفقة.

جواب طفيلي


وقيل لطفيلي: أي سورة تعجبك من القرآن؟ قال: المائدة. قال: فأي آية؟ قال: ذرهم يأكلوا ويتمتعوا، قيل: ثم ماذا؟ قال: آتنا غداءنا، قيل: ثم ماذا؟ قال: ادخلوها بسلام آمنين، قيل: ثم ماذا؟ قال: وما هم منها بمخرجين. 

كذا فعلت يا جاهل !


ودخل ابن الجصاص يوماً على ابن الفرات الوزير الخاقاني وفي يده بطيخة كافور فأراد أن يعطيها الوزير ويبصق في دجلة فبصق في وجه الوزير ورمى البطيخة في دجلة فارتاع الوزير وانزعج ابن الجصاص وتحير وقال‏:‏ والله العظيم لقد أخطأت وغلطت أردت أن أبصق في وجهك وأرمي البطيخة في دجلة..‏.‏ فقال له الوزير‏:‏ كذلك فعلت يا جاهل‏...فغلط في الفعل وأخطأ في الاعتذار

أرطاة يخطىء خطأً غير مقصود


ودخل أرطأة على عبد الملك بن مروان وكان شيخاً كبيراً فاستنشده ما قاله في طول عمره فأنشده‏:

رأيت المرء تأكله الليالي...
           كأكل الأرض ساقطة الحديد 
فاعلم أنها ستكـر حتى...
           توفي نذرهـــا بأبي الوليد 

فارتاع عبد الملك وظن أنه عناه، وعلم أرطأة أنه زل ... فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين ، إني أكنى بأبي الوليد وصدقه الحاضرون‏.‏

رجل أحمق


وعن أبي عبيدة قال‏:‏ كنا نجلس إلى أبي عمرو بن العلاء فنخوض في فنون من العلم ورجل يجلس إلينا لا يتكلم حتى نقوم فقلنا‏:‏ إما أن يكون مجنوناً أو أعلم الناس ‏!‏ فقال يونس‏:‏ أو خائف سأظهر لكم أمره..‏.‏فقال له‏:‏ كيف علمك بكتاب الله تعالى ؟ قال‏:‏ عالم به ... قال‏:‏ ففي أي سورة هذه الآية‏:

الحمد الله لا شريك لـــه...
                   من لم يقلها فـنفسَه ظلمَـا

 فأطرق ساعة ثم قال‏:‏ في حم الدخان‏.‏.. 

شاب مغفل


وعن أبي عبد الله بن عرفة أنه قال‏:‏ اصطحب ناس فكانوا يتذاكرون الآداب والأخبار وسائر العلوم وكان معهم شاب لا يخوض فيما يخوضون فيه سوى أنه كان يقول‏:‏ رحم الله أبي ماكان يعدل بالقرآن وعلمه شيئاً فكانوا يرون أنه أعلم الناس بالقرآن فسأله بعضهم في أي سورة‏:‏

وفينا رسول الله يتلو كتابــه...
          كما لاح مبيض من الصبح ساطع
 يبيت يجافي جنبه عن فراشــه...
          إذا استثقلت بالكافرين المضاجع 

فقال‏:‏ سبحان الله، من لم يعرف هذا؟ هذا في ‏"‏ حم عسق ‏"‏ فقالوا‏:‏ ما قصر أبوك في أدبك... فقال لهم‏:‏ أفكان يتغافل عني كتغافل آبائكم عنكم‏ .‏

طالق لوجهك


وعن الأصمعي قال‏:‏ خرج قوم من قريش إلى أرضهم وخرج معهم رجل من بني غفار فأصابهم ريح عاصف يئسوا معها من الحياة ثم سلموا فأعتق كل رجل منهم مملوكاً فقال ذلك الأعرابي‏:‏ اللهم لا مملوك لي أعتقه ولكن امرأتي طالق لوجهك ثلاثاً‏.‏ 

كيف تأمر من السواك ؟


وعن سلمة قال‏:‏ كان عند المهدي مؤدب يؤدب الرشيد فدعاه يوماً المهدي وهو يستاك، فقال‏:‏ كيف تأمر من السواك ؟ 
قال‏:‏ استك يا أمير المؤمنين... فقال المهدي‏:‏ إنّا لله.. ثم قال‏:‏ التمسوا من هو أفهم من هذا ؟
قالوا‏:‏ رجل يقال له علي بن حمزة الكسائي من أهل الكوفة قدم من البادية قريباً فلما قدم على الرشيد قال له‏:‏ يا علي قال‏:‏ لبيك يا أمير المؤمنين ...قال‏:‏ كيف تأمر من السواك؟ قال‏:‏ سُك يا أمير المؤمنين... قال‏:‏ أحسنت وأصبت‏.‏ 
وأمر له بعشرة آلاف درهم‏.‏ 

إذ اجتمع لحانان


وعن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال‏:‏ كان عندنا رجل لحّان فلقي رجلاً مثله فقال‏:‏ من أين جئت؟ فقال‏:‏ من عند أهلونا... فتعجب منه وحسده، وقال‏:‏ أنا أعلم من أين أخذتها ‏:‏ أخذتها من قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ شغلتنا أموالنا وأهلونا ‏"‏‏.‏ // الآية الكريمة : ( شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) (الفتح : 11 )

الأحد، 9 يوليو 2017

الحجاج وأعرابي


قال الأصمعي: خرج الحجاج متصيداً، فوقف على أعرابي يرعى إبلاً وقد انقطع عن أصحابه، فقال: يا أعرابي، كيف سيرة أميركم الحجاج ؟ فقال الأعرابي: غشوم ظلوم لا حياه الله ولا بياه. قال الحجاج: فلو شكوتموه إلى أمير المؤمنين ؟ فقال الأعرابي: هو أظلم منه وأغشم، عليه لعنة الله ! قال: فبينا هو كذلك إذ أحاطت به جنوده، فأومأ إلى الأعرابي فأخذ وحمل، فلما صار معهم قال: من هذا ؟ قالوا: الأمير الحجاج، فعلم أنه قد أحيط به، فحرك دابته حتى صار بالقرب منه، فناداه: أيها الأمير: قال: ما تشاء يا أعرابي ؟ قال: أحب أن يكون السر الذي بيني وبينك مكتوماً؛ فضحك الحجاج وخلى سبيله.

إبدال الكاف بالقاف


روي أن المأمون خرج منفردا فلقي أعرابيا فقال: ما أقدمك؟ قال الرجاء من الخليفة، وقد قلت أبياتا أستمطر بها فضله. 
قال: أنشدنيها. قال: يا ركيك أويحسن أن أنشدك ما أُنشد الملوك؟ وبينما هو كذلك إذ أحدقت الخيل بهما وسلموا على المأمون
 بالخلافة فعلم الأعرابي أنه قد وقع، فقال: يا أمير المؤمنين؛ أتحفظ شيئا من لغات اليمن قال: نعم، قال: من يبدل القاف كافا؟ 
قال: بنو الحارث بن كعب. قال: قبحها الله من لغة لا أعود إليها بعد اليوم فضحك المأمون.       

  ظاهرة قلب القاف كافا من الظواهر اللهجية القديمة التي ما زالت تسمع في مجتمعاتنا العربية المعاصرة،
 ففي أوساط النساء في مصر نسمع إحداهن تقول أنا ركيكة وتعني رقيقة وتقول الكاهرة والكرآن والمقصود القاهرة والقرآن، وتشيع ظاهرة قلب القاف كافا في بعض مناطق الأردن وفلسطين فيقولون (أكول) بدلا من (أقول) 
وهذا الإعرابي كان واعيا لظاهرة الإبدال التي وجد فيها مخرجا ينجيه من الحرج الذي وقع فيه مع المأمون.

يدعو على زوجته السابقة


أنشد دعبل لرجل من أهل الكوفة في امرأته وقد تزوجت غيره:

إذا ما نكحتِ فلا بالرِّفاء...
            وإمّا ابتنيتِ فلا بالبنينا

تزوجتِ أصلع في غُربةٍ...
            تُجنُّ الحليلةُ منه جنونا

إذا ما نُقلتِ إلى بيتهِ...
            أعدَّ لجنبيك سوطاً متينا

يُشِمُّكِ أخبث أعراضهِ...
            إذا ما دنوتِ لتستنشقينا

كأنَّ المساويك في شدقهِ...
            إذا هنَّ أُكرهِنَّ يقلعن طينا

بيع الشعر بالشعر ربا


 حُكي أن أعرابياً قصد المأمون، وقال له: قلت فيك شعراً. قال: أنشده. فقال:

حيّاك ربُّ العرش حيّاكا...
            إذ بجمال الوجه وقاكا
بغـدادُ من نـورك أشرقت...
            وأورق المجـــدُ بجـدواكـا

فقال المأمون: وأنا قلت فيك:

حيّاك ربُّ العرش حيّاكا...
            إنَّ الذي أمّلتَ أخطاكا
أتيت شـخصاً قد خلا كيسه...
            ولـو حـوى شـيئاً لأعطـاكا

فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين: إنَّ بيع الشِّعر بالشِّعر ربا، فاجعل بينهما شيئاً!! فضحك المأمون وأمر لـه بصلة.


نحوي وواعظ


قيل: جلس نحوي إلى جانب واعظ، فلحن الواعظ فقال له النحوي: أخطأت ولحنت!! فقال الواعظ بديهة: أيها المعربُ في أقواله، اللاحن في أفعاله، لأجل ضمةٍ رُفعتْ، وفتحةٍ نُصبتْ، وجرّةٍ خُفضتْ، وجزمةٍ جُزمت، هلاّ رفعت إلى الله يدك في جميع الحاجات، ونصبت بين عينيك ذكر الممات، وخفضت نفسك عن اتباع الشهوات، وجزمتها على ترك المحرمات. أما علمت أنه لا يقال لك يوم القيامة  لِـمَ لا كنت فصيحاً معرباً، بل يقال لك لِـمَ كنت عاصياً مذنباً؟ ولو كان الأمر كما ذكرت لكان هارون أحق بالخلافة من موسى،  إذ قال الله إخباراً عنه: (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا)  [القصص/34].
فجعل الرسالة في موسى لثبات جنانه، لا لفصاحة لسانه.
وأنشأ يقول:

وجاهلٍ في الفعال ذي زللِ...
             حتى إذا قال قولـه وزَنَهْ
قال وقد أعجبته لفظته...
             تيهاً وعُجباً أخطأت يا لحنهْ
فقلت أخطـأ الذي يقوم غداً...
             ولا يـرى في كتــابه  حسَنَهْ


كلام بليغ


قال بعض البلغاء: الدنيا إن أقبلت بَلَتْ، أو أدبرت برت، أو أطنبت نبت، أو أركبت كبت، أو بهجت هجت، أو أسعفت عفت، أو أينعت نعت، أو أكرمت رمت، أو عاونت ونت، أو ماجنت جنت، أو سامحت محت، أو صالحت لحت، أو واصلت صلت، أو بالغت لغت، أو وافرت فرت، أو زوجت وجت، أو نوهت وهت، أو ولهت لهت، أو بسطت سطت!!

الأرواح جنود مجندة


عن يزيد بن زريع قال: رأيت أبا نواس عند روح بن القاسم، فتحدث روح عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القلوب جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) [متفق عليه]. 
قال يزيد: فقال: أبو نواس: أنت لا تأنس بي، وسأجعل هذا الحديث منظوماً بشعر. قلت: فإن قلت ذلك فجئني به. فجائني، فأنشدني:

يا قلبُ رفقاً أجداً منك ذا الكَلفُ...
           ومن كلفت به جافٍ كما تصفُ

وكان في الحق أن يهواك مجتهداً...
           بذاك خبَّر منا الغابرُ السلفُ

إنَّ القلوب لأجنادٌ مجنّدةٌ...
           لله في الأرض بالأهواء تعترفُ

فما تناكر منها فهو مختلفٌ...
           وما تعارف منها فهو مؤتلفُ


أبو دلف ومناظرة في الشتم


 حدث أبو الحسن الدُّلفي الشاعر قال: جرت بين أبي علي الهائم وأبي دلف الخزرجي في مجلس أنس لعضد الدولة أبي شجاع فنّاخسرو بشيراز مطايبة ومداعبة ، ومحاضرة ومذاكرة.

فقال أبو علي لأبي دلف: صبّ الله عليك طواعين الشام وحُمّى خيبر وطيحال البحرين ودماميل الجزيرة،وسنا برد دهستان، وضربك بالعرق المدني، والنار الفارسية والقروح البلخية.

فقال أبو دلف: يا مسكين، أتقرأ (تبت) على أبي لهب، وتنقل التمر إلى هجر، وتلبس السواد على السُّرط؟ بل صبّ الله عليك ثعابين مصر، وأفاعي سجستان، وعقارب شهرزور وجرارات الأهواز، وصبّ عليّ برود اليمن وقصب مصر ودبابيج الروم وخزوز السوس وحرير الصين وأكسية فارس وحلل أصبهان،وسقلاطون بغداد وعمائم الأبلَّة وتوزي توج ومنير الريّ وخفيّ نيسابور ومُلْحم مرو وسنجاب خيرخير وسمّور بلغار وثعالب الخزر وفنك كاشغر وقاقم الثغر وحواصل هراة وتكك أرمينية وجوارب قزوين، وأفرشني بُسُط أرمينية وزلالي قاليقلا ومطارح ميسان وحُصر بغداد، وأخدمني خصيان الروم وغلمان الترك وجواري بخارى ووصائف سمرقند،وحملني على عتاق البادية ونجائب الحجاز وبراذين طخارستان وحمير مصر وبغال بردعة، ورزقني تفاح الشام ورطب العراق وموز اليمن وجوز الهند وباقلا الكوفة وسكر الأهواز وعسل أصبهان وفانيذ ماسكان وتمر كرمان ودبس أرّجان وتين حلوان وعنب بغداد وعُنّاب جرجان وآجاص بُست ورُمّان الريّ وكمثُر نهاوند وسفرجل نيسابور ومشمش طوس وملبّس مرو وبطيخ خوارزم، وأشمني مسك تُبّت وعود الهند وعنبر الشحر وكافور فنصور وأترج طبرستان ونارنج البصرة ونرجس جرجان ونيلوفر الشيروان وورد دجور ومنثور بغداد وزعفران قم وشاهشفرم سمرقند.

فضحك أبو شجاع منه وأعجب بقولـه وتعجّب من حسن محاضرته بالخصائص الشرقية والغربية، وقال: مثلك يا أبا دلف فلينادم الملوك . وأمر لـه بخلعة وصلة.

سيبويه المصري

سيبويه المصري

 كان له جارية تخدمه اسمها (مختارة) فجلس في منزله يأكل، فجاءت فراريخ للجارية، فلقطت مما بين يديه، وجاءت حمامات، فلقطت مما بين يديه، وجاءت سنانير تموء من حولـه، فصاح سيبويه: يا مختارة، نحيّ فراريخك النقّارة، وحماماتك الطيّارة، وقططك الهرّارة، يا غيّارة يا دوّارة!!


 ومرَّ بأحد الأزقة – ويبدو أنه لم يكن يحب أهله – فرأى البنّائين فيه فقال: ما هذا؟ لا عمّر الله لهم داراً، ولا ثبت لهم قراراً ، وأشعلها ناراً، ولا أطول لهم أعماراً، وحفّها بالدمار والعار والنار وسوء الجوار!!

مزاح ابن سيرين


وكان ابن سِيرِينَ يمزح ويضحك حتى يسيل لُعابه وسئل عن رجل فقال : توفي البارحة،  فلما رأى جَزَعَ السائل قرأ : ( اللهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فيِ مَنَامِهَا ).

أشأم من طويس.


طويسٌ الذي تضرب به العرب المثل في الشّؤم ، هو رجلٌ من أهل المدينة مولى لبني مخزوم ، واسمه عيسى بن عبد اللّه ، وكان مغنيا يضرب الدف ، قال: ولدت يوم مات النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وفطمت يوم مات أبو بكر ، وختنت يوم قتل عمر ، وتزوجت يوم قتل عثمان ، وولد لي يوم قتل على بن أبي طالب فيقولون في أمثالهم السّائرة : أشأم من طويس.

الأحول


كان بعض أمراء خراسان يتشاءم بالحول ، فمتى رأى أحول ضربه بالسّياط ، وربما ضرب بعضهم خمسائة سوط ، وحدث أنه ركب في بعض الأيام ، فرأى أحول فأمر بضربه ، وكان الأحول جلداً ، فلما فرغ من ضربه ، قال له : أيها الأمير! أصلحك اللّه ، لم ضربتني ؟ قال : لأني أتشاءم بالحول. قال : فأينا أشدّ شؤماً على صاحبه ، أنت رأيتني ولم يصبك إلاّ خير ، وأنا رأيتك فضربتني خمسائة سوط ، فأنت إذا أشد شؤماً. فاستحيا منه ولم يضرب بعده أحداً.